فن الحوار بين الزوجين

#فن الحوار بين الزوجين
                              T.me/wemonway
عندما تختلف طباع الزوجين و يتعثر كل منهما بينما يحاول أن يصل الآخر ، و لا يجد إلا سبيل الصمت ليصبح اللغة بينهما ، و إن أراد الحديث أن يطرق بابه فلا يكون إلا للمسائل الضرورية الخاصة بالأولاد و مشاكلهم .

 فقد تلجأ الزوجة لذلك الصمت الطويل عندما تشعر من زوجها غلظة الطبع ، و كثيرا ما تحاول كبت مشاعر داخلها فتفضل عدم الإفصاح بها فتخاف محاورته في أى موضوع لأنها تعلم نتيجة حوارها هذا ..

و على الجانب الآخر يجد الزوج من زوجته ضيقا في الحديث معها لشدة عصبيتها و كثرة عنادها و تصلبها لرأيها ، فيفقد الطرفان المرونة في الحديث .

لذلك تجدهما يعيشان في بيت واحد و كلا منهما له حياته الخاصة ، فيقوم كل واحد بدوره في صمت ، ذلك الصمت الذى أذهب الجو الروحي للحياة الزوجية ، فأصبحت هذه الحياة حينذاك أمام من حولهم ملونة بجميع ألوانها فيظن البعض أنهم من أسعد الأزواج لكن الذى يخفي عليهم أنها ألوان زائفة ، شكل بغير معنى .

وقد وجه الله تعالي النصح لنبيه صلي الله عليه و سلم في كتابه حين قال سبحانه { و لو كنت فظاَ غليظ القلب لانفضوا من حولك } ، فأعطت لنا الآية الكريمة مثلاَ رائعاَ علي أن الفرقة و البعد و الجفاء لا يأتي إلا من التطبع بالغلظة و حدة الطباع .

إنها نعمة الله تعالي علينا ، فلم يترك لنا باباَ من الخير إلا و أعطي لنا كل سبل الوصول إليه ، فجعل باب التحاور من الأشياء التي توصل بين الزوجين .

فاهتم القرآن الكريم بالحوار ، و فتح الطرق التي تؤدى لحسن التلقي و الاستجابة ، احتراما لكرامة الإنسان و إعلاء لشأن عقله .

 و لهذا كان لازما الحديث خاصة علي الأزواج ، ذلك لأنهما أكثر اثنين تجمعهما الأيام و الأعباء و المشكلات .

فالحوار ذو قيمة لابد أن يدركها كلاهما ، خاصة و قد أتي القرآن الكريم ببعض صور للحوار ، فهذا حوار قصة صاحب الجنتين في سورة الكهف عندما استعلي أحدهما علي الآخر بكثرة زرعه و ثماره ، و هذا حوار في قصة موسى و العبد الصالح الخضر ، غير حوار إبراهيم عليه السلام حين همً بذبح ابنه قال تعالي { فلما بلغ السعي قال يابني إني أرى في المنام أنى أذبحك فأنظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدنى إن شاء الله من الصابرين }

و الحوار الرائع الذي دار بين النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه في الغار بينما المخاطر تحدق بهما { إذ يقول لصاحبه لاتحزن إن الله معنا }
ما أجمل حسن التلقي و ما أجمل الاستجابة رغم هول الموقف .

أما رسولنا الكريم فضرب لنا المثل في حواره مع زوجاته ، و الحديث معهم و تخصيص الأوقات لذلك رغم ما كان يعانيه من عبء المسئولية التي اختارها له الله عز و جل .

فلا شك أن الزوجين لفي أشد الحاجة للحوار ، للخلاص من المعاناة النفسية التي تسببها لهما كبت المشاعر فلا ينبغي أن يكتفيا على حوار لحل الخلاف بينهما فحسب لكن لابد أن يهتما بالحوار في جميع شؤون حياتهما .

لذا علي الزوجين أن يتفننا في الطريقة المثلي للحوار لتجديد التواصل بينهما و يتبعا الأسلوب الفني للحوار عن طريق بعض النقاط :
 👇👇👇

1- سعة الصدر و حسن الاستماع ، و على الآخر أن يتقبل و يحسن التلقي فإذا تعصب كل منهما لرأيه فلا يزيدهم الحوار إلا احتقانا و بعداَ و جفاء .

2- لابد للحوار أن يترك قيمته الايجابية إذا كان علي أسس صحيحة و سليمة مهما اختلفت بينهما الآراء و الأمزجة و الميول و الرغبات ، لكن عليهما احترام كل منهما لرأى الآخر ، فاختلاف الرأى لا يفسد للود قضية ، لكن عليهما ان يعلما أن ذلك الاختلاف في الآراء له ضوابط أصلها تجاوز هدى القرآن و السنة .

3- عدم إتباع طريقة الاستعلاء في الحوار ، و تجنب الاستهزاء و السخرية و الإنتقاص من شأن الآخر ، و لابد من انتقاء الكلمات التي يتلفظ بها كل منهما فينبغي ألا تكون جارحة .

  4 - علي الزوجين أن يعلما أنه ربما باستفزاز أحدهما الآخر قد يتطور الحوار و ينقلب إلي شجار وحينئذ ترتفع الأصوات و يكونا علي مسمع من الأبناء ثم أهل البيت و الجيران ، فلابد من التحلي بالهدوء أثنائه و خفض الصوت فإن رفع الصوت ليس من قوة الحجة و كلما كان الحوار أهدأ كان أعمق .

5- أيضا على الزوجين أثناء الحوار التحلي بالصبر و ضبط النفس و كظم الغيظ فإذا أساء احدهما فلا مانع و لا تقليل من شأنه بالاعتذار .

6- أما إذا كان أحدهما غاضبا  فعلى الآخر ألا يطلب منه في ذلك الحين أن يهدأ من روعه بل يكون جادا و يستمع له بهدوء .

7-  على الطرفين التحلي بالعفو  و التسامح للآخر و لا يلتقط منه عثرات و زلات و هفوات اللسان أثناء غضبه ، و لا يستعجل الرد خاصة أثناء الغضب بل عليه تأجيل الرد لمدة معينة حتي يهدأ ليكمل التحاور بشكل جيد فمن الخطأ الاستعجال حينذاك بالرد ، و لا يتكلم إلا بالحسنى لقوله تعال { وقولوا للناس حسني } و قوله تعالى { وهدوا إلى الطيب من القول } ، فالكلام الطيب يلين الحديد و يخفف من شدة الاحتقان عند الحوار .

8- يجب عدم مقاطعة أحدهما عند الحوار فكم من مشاكل حلت بالاستماع فقط لذلك يجب الاستماع حتى النهاية و ألا يعتقد أحدهما أن الحق معه و أن الآخر بعيدا عن الحق .

9- لا ينبغي أن يتبع أحدهما الحوار و يستخدمه كشكل من أشكال ما يطلق عليه حرية التعبير و يستخدم الطريقة الخارجة عن آداب الحوار كما استغله الكثير و فسر حرية الرأي بطريقته  فافتقدنا أدب الحرية التي يتحدث عنها ، واستغله البعض في هذا الأوان أسوأ استغلال بحجة حرية التعبير أو حرية الحوار ، ولذلك وجب على المتحاور أو المعبر عن رأيه سواء أكان من الزوجين أو غيرهما أن يتصف بصدقه في الحوار ، صدقة مع ربه سبحانه ، ثم صدقه مع نفسه ، يعمل بما يقول حتى يتمتع بقيمته كقدوة صالحة .
✋ ختاما ..

تمنياتنا لكم بحياة أسرية مستقرة مفعمة بالود و الحب و متماسكة الأركان .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

دلعي زوجك